الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الإتقان في علوم القرآن (نسخة منقحة)
.التَّرْتِيبُ: .التَّرَقِّي وَالتَّدَلِّي: .التَّضْمِينُ: أَحَدُهَا: إِيقَاعُ لَفْظٍ مَوْقِعَ غَيْرِهِ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْمَجَازِ تَقَدَّمَ فِيهِ. الثَّانِي: حُصُولُ مَعْنًى فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ لَهُ بِاسْمٍ هُوَ عِبَارَةٌ عَنْهُ، وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ الْإِيجَازِ تَقَدَّمَ أَيْضًا. الثَّالِثُ: تَعَلُّقُ مَا بَعْدَ الْفَاصِلَةِ بِهَا، وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي نَوْعِ الْفَوَاصِلِ. الرَّابِعُ: إِدْرَاجُ كَلَامِ الْغَيْرِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ، لِقَصْدِ تَأْكِيدِ الْمَعْنَى أَوْ تَرْتِيبِ النَّظْمِ. وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الْبَدِيعِيُّ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَع: وَلَمْ أَظْفَرْ فِي الْقُرْآنِ بِشَيْءٍ مِنْهُ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ تَضَمَّنَا فَصْلَيْنِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل: قَوْلِه: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} الْآيَةَ [الْمَائِدَة: 45]، وَقَوْلِه: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} الْآيَةَ [الْفَتْح: 29]. وَمَثَّلَهُ ابْنُ النَّقِيبِ وَغَيْرُهُ بِإِيدَاعِ حِكَايَاتِ الْمَخْلُوقِينَ فِي الْقُرْآنِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنِ الْمَلَائِكَة: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [الْبَقَرَة: 30]، وَعَنِ الْمُنَافِقِينَ: {أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [31: 2]، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ} [الْبَقَرَة: 113]، {وَقَالَتِ النَّصَارَى} [الْبَقَرَة: 113]، قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا أَوْدَعَ فِيهِ مِنَ اللُّغَاتِ الْأَعْجَمِيَّةِ. .الْجِنَاسُ: قَالَ فِي كَنْزِ الْبَرَاعَةِ: وَفَائِدَتُهُ الْمَيْلُ إِلَى الْإِصْغَاءِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ مُنَاسَبَةَ الْأَلْفَاظِ تُحْدِثُ مَيْلًا وَإِصْغَاءً إِلَيْهَا، وَلِأَنَّ اللَّفْظَ الْمُشْتَرَكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى مَعْنًى ثُمَّ جَاءَ وَالْمُرَادُ بِهِ آخَرُ كَانَ لِلنَّفْسِ تَشَوُّقٌ إِلَيْهِ. وَأَنْوَاعُ الْجِنَاسِ كَثِيرَةٌ. مِنْهَا: التَّامُّ بِأَنْ يَتَّفِقَا بِأَنْوَاعِ الْحُرُوفِ وَأَعْدَادِهَا وَهَيْئَاتِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} [الرُّوم: 55]، قِيلَ: وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ فِي الْقُرْآنِ سِوَاهُ. وَاسْتَنْبَطَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ مَوْضِعًا آخَرَ وَهُوَ: {يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [النُّور: 43، 44]. وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْآيَةِ الْأُولَى مِنَ الْجِنَاسُ، وَقَالَ: السَّاعَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالتَّجْنِيسُ: أَنْ يَتَّفِقَ الْلَّفْظُ وَيَخْتَلِفَ الْمَعْنَى، وَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا حَقِيقَةً وَالْآخِرُ مَجَازًا، بَلْ يَكُونَا حَقِيقَتَيْنِ، وَزَمَانُ الْقِيَامَةِ وَإِنْ طَالَ لَكِنَّهُ عِنْدَ اللَّهِ فِي حُكْمِ السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِطْلَاقُ السَّاعَةِ عَلَى الْقِيَامَةِ مَجَازٌ، وَعَلَى الْآخِرَةِ حَقِيقَةٌ، وَبِذَلِكَ يَخْرُجُ الْكَلَامُ عَنِ التَّجْنِيسِ، كَمَا لَوْ قُلْتُ: رَكِبْتُ حِمَارًا وَلَقِيتُ حِمَارًا، تَعْنِي بَلِيدًا. وَمِنْهَا: الْمُصَحَّفُ: وَيُسَمَّى جِنَاسَ الْخَطِّ، بِأَنْ تَخْتَلِفَ الْحُرُوفُ فِي النَّقْطِ كَقَوْلِه: {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشُّعَرَاء: 79، 80]. وَمِنْهَا: الْمُحَرَّفُ بِأَنْ يَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْحَرَكَاتِ كَقَوْلِه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ} [الصَّافَّات: 72، 73]، وَقَدِ اجْتَمَعَ التَّصْحِيفُ وَالتَّحْرِيفُ فِي قَوْلِه: {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الْكَهْف: 104]. وَمِنْهَا: النَّاقِصُ بِأَنْ يَخْتَلِفَ فِي عَدَدِ الْحُرُوفِ؛ سَوَاءٌ كَانَ الْحَرْفُ الْمَزِيدُ أَوَّلًا أَوْ وَسَطًا أَوْ آخِرًا، كَقَوْلِه: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [الْقِيَامَة: 29، 30]، {ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} [النَّحْل: 69]. وَمِنْهَا: الْمُذَيَّلُ بِأَنْ يَزِيدَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ حَرْفٍ فِي الْآخِرِ أَوِ الْأَوَّلِ، وَسَمَّى بَعْضُهُمُ الثَّانِي بِالْمُتَوَّجِ كَقَوْلِه: {وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ} [طَه: 97]، {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} [الْقَصَص: 45]، {مَنْ آمَنَ بِهِ} [الْأَعْرَاف: 86]، {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ} [الْعَادِيَّات: 11]، {مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ} [النِّسَاء: 143]. وَمِنْهَا: الْمُضَارِعُ، وَهُوَ أَنْ يَخْتَلِفَا بِحَرْفٍ مُقَارِبٍ فِي الْمَخْرَجِ؛ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأُولَى أَوِ الْوَسَطِ أَوِ الْآخِرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ} [الْأَنْعَام: 26]. وَمِنْهَا: اللَّاحِقُ بِأَنْ يَخْتَلِفَا بِحَرْفٍ غَيْرِ مُقَارَبٍ فِيهِ كَذَلِكَ، كَقَوْلِه: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} [الْهُمَزَة: 1]، {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [الْعَادِيَّات: 7، 8]، {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ} [غَافِرٍ: 75]، {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ} [النِّسَاء: 83]. وَمِنْهَا: الْمُرْفَقُ: وَهُوَ مَا تَرَكَّبَ مِنْ كَلِمَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى كَقَوْلِه: {جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ} [التَّوْبَة: 105]. وَمِنْهَا: اللَّفْظِيُّ: بِأَنْ يَخْتَلِفَا بِحَرْفٍ مُنَاسِبٍ لِلْآخَرِ مُنَاسِبَةً لَفْظِيَّةً كَالضَّادِ وَالظَّاءِ، كَقَوْلِه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [الْقِيَامَة: 22، 23]. وَمِنْهَا: تَجْنِيسُ الْقَلْب: بِأَنْ يَخْتَلِفَا فِي تَرْتِيبِ الْحُرُوفِ، نَحْو: {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [94: 20]. وَمِنْهَا: تَجْنِيسُ الِاشْتِقَاق: بِأَنْ يَجْتَمِعَا فِي أَصْلِ الِاشْتِقَاقِ، وَيُسَمَّى الْمُقْتَضَبَ، نَحْو: {فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ} [الْوَاقِعَة: 89]، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ} [الرُّوم: 43]، {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ} [الْأَنْعَام: 79]. وَمِنْهَا: تَجْنِيسُ الْإِطْلَاق: بِأَنْ يَجْتَمِعَا فِي الْمُشَابَهَةِ فَقَطْ كَقَوْلِه: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ} [الرَّحْمَن: 54]، {قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ} [الشُّعَرَاء: 168]، {لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي} [الْمَائِدَة: 31]، {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ} [يُونُسَ: 107]، {اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ} [التَّوْبَة: 38]، {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ} إِلَى قَوْلِه: {فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ} [فُصِّلَتْ: 51]. تَنْبِيهٌ: لِكَوْنِ الْجِنَاسِ مِنَ الْمَحَاسِنِ اللَّفْظِيَّةِ لَا الْمَعْنَوِيَّةِ تُرِكَ عِنْدَ قُوَّةِ الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يُوسُفَ: 17]، قِيلَ: مَا الْحِكْمَةُ فِي كَوْنِهِ لَمْ يَقُلْ: (وَمَا أَنْتِ بِمُصَدِّقٍ)، فَإِنَّهُ يُؤَدِّي مَعْنَاهُ مَعَ رِعَايَةِ التَّجْنِيسِ. وَأُجِيبُ: بِأَنَّ فِي: {بِمُؤْمِنٍ لَنَا} مِنَ الْمَعْنَى لَيْسَ فِي (مُصَدِّقٍ)؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِكَ: (فُلَانٌ مُصَدِّقٌ لِي) قَالَ لِي: صَدَقْتَ، وَأَمَّا (مُؤْمِنٌ) فَمَعْنَاهُ مَعَ رِعَايَةِ التَّصْدِيقِ إِعْطَاءُ الْأَمْنِ، وَمَقْصُودُهُمُ التَّصْدِيقُ وَزِيَادَةٌ؛ وَهُوَ طَلَبُ الْأَمْنِ، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِهِ. وَقَدْ زَلَّ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ فَقَالَ فِي قَوْلِه: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ} [الصَّافَّات: 125]، لَوْ قَالَ: (وَتَدَعُونَ) لَكَانَ فِيهِ مُرَاعَاةُ التَّجْنِيسِ. وَأَجَابَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّين: بِأَنَّ فَصَاحَةَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ لِرِعَايَةِ هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ، بَلْ لِأَجْلِ قُوَّةِ الْمَعَانِي وَجَزَالَةِ الْأَلْفَاظِ. وَأَجَابَ غَيْرُهُ بِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْمَعَانِي أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْأَلْفَاظِ، وَلَوْ قَالَ: (أَتَدْعُونَ)، (وَتَدَعُونَ) لَوَقَعَ الِالْتِبَاسِ عَلَى الْقَارِئِ فَيَجْعَلُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ تَصْحِيفًا. وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ نَاضِجٍ. وَأَجَابَ ابْنُ الزَّمْلَكَانِيِّ بِأَنَّ التَّجْنِيسَ تَحْسِينٌ، وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي مَقَامِ الْوَعْدِ وَالْإِحْسَانِ لَا فِي مَقَامِ التَّهْوِيلِ. وَأَجَابَ الْخُوَيِّيُّ بِأَنَّ (تَدَعُ) أَخَصُّ مِنْ (تَذَرُ)؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى تَرْكِ الشَّيْءِ مَعَ اعْتِنَائِهِ بِشَهَادَةِ الِاشْتِقَاقِ، نَحْوَ الْإِيدَاعِ، فَإِنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ تَرْكِ الْوَدِيعَةِ مَعَ الِاعْتِنَاءِ بِحَالِهَا، وَلِهَذَا يُخْتَارُ لَهَا مَنْ هُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا، وَمِنْ ذَلِكَ الدَّعَةُ بِمَعْنَى الرَّاحَةِ، وَأَمَّا (تَذَرُ) فَمَعْنَاهُ التَّرْكُ مُطْلَقًا أَوِ التُّرْكُ مَعَ الْإِعْرَاضِ وَالرَّفْضِ الْكُلِّيِّ. قَالَ الرَّاغِبُ: يُقَالُ: فَلَانٌ يَذَرُ الشَّيْءَ؛ أَيْ: يَقْذِفُهُ لِقِلَّةِ الِاعْتِدَادِ بِهِ، وَمِنْهُ الْوَذَرَةُ- قِطْعَةٌ مِنَ اللَّحْمِ- لِقِلَّةِ الِاعْتِدَادِ بِهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ السِّيَاقَ إِنَّمَا يُنَاسِبُ هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ، فَأُرِيدَ هُنَا تَبْشِيعُ حَالِهِمْ فِي الْإِعْرَاضِ عَنْ رَبِّهِمْ، وَأَنَّهُمْ بَلَغُوا الْغَايَةَ فِي الْإِعْرَاضِ. انْتَهَى. .الْجَمْعُ: وَكَذَا قَوْلُهُ: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرَّحْمَن: 5، 6]. .الْجَمْعُ وَالتَّفْرِيقُ: .الْجَمْعُ وَالتَّقْسِيمُ: .الْجَمْعُ مَعَ التَّفْرِيقِ وَالتَّقْسِيمِ: .جَمْعُ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ: .حُسْنُ النَّسَقِ: وَمِنْهُ اخْتِلَافُ مَا كَانَ بِالْأَرْضِ ثُمَّ الْإِخْبَارُ بِذَهَابِ الْمَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْمَادَّتَيْنِ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ قَطْعًا، ثُمَّ بِقَضَاءِ الْأَمْرِ الَّذِي هُوَ هَلَاكُ مَنْ قُدِّرَ هَلَاكُهُ، وَنَجَاةُ مَنْ سَبَقَ نَجَاتُهُ، وَأُخِّرَ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ لِأَهْلِ السَّفِينَةِ بَعْدَ خُرُوجِهِمْ مِنْهَا وَخُرُوجُهُمْ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ أَخْبَرَ بِاسْتِوَاءِ السَّفِينَةِ وَاسْتِقْرَارِهَا الْمُفِيدِ ذَهَابَ الْخَوْفِ وَحُصُولَ الْأَمْنِ مِنَ الِاضْطِرَابِ، ثُمَّ خَتَمَ بِالدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِينَ، لِإِفَادَةِ أَنَّ الْغَرَقَ وَإِنَّ عَمَّ الْأَرْضَ، فَلَمْ يَشْمَلْ إِلَّا مَنِ اسْتَحَقَّ الْعَذَابَ لِظُلْمِهِ. .عِتَابُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ فِي الْقُرْآن: .الْعَكْسُ فِي الْقُرْآن: وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْحِكْمَةِ فِي عَكْسِ اللَّفْظُ فِي الْقُرْآنِ هَذَا اللَّفْظِ فَأَجَابَ ابْنُ الْمُنِيرِ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ بَدْرُ الدِّينِ بْنُ الصاحِب: الْحَقُّ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ فِعْلِ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكَافِرُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ الْحِلُّ، أَمَّا فِعْلُ الْمُؤْمِنَةِ فَيَحْرُمُ لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ، وَأَمَّا فِعْلُ الْكَافِرِ فَنُفِيَ عَنْهُ الْحِلُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْمَفْسَدَةِ، فَلَيْسَ الْكُفَّارُ مَوْرِدَ الْخِطَابِ، بَلِ الْأَئِمَّةُ وَمَنْ قَامَ مَقَامَهُمْ مُخَاطَبُونَ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِإِخْلَاءِ الْوُجُودِ مِنَ الْمَفَاسِدِ، فَاتَّضَحَ أَنَّ الْمُؤْمِنَةَ نُفِيَ عَنْهَا الْحِلُّ بِاعْتِبَارٍ، وَالْكَافِرُ نُفِيَ عَنْهُ الْحِلُّ بِاعْتِبَارٍ. قَالَ ابْنُ أَبِي الْإِصْبَع: وَمِنْ غَرِيبِ أُسْلُوبِ هَذَا النَّوْعِ، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}، {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النِّسَاء: 124، 125]، فَإِنَّ نَظْمَ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ عَكْسُ نَظْمِ الْأُولَى، لِتَقْدِيمِ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى عَلَى الْإِيمَانِ وَتَأْخِيرِهِ فِي الثَّانِيَةِ عَنِ الْإِسْلَامِ. وَمِنْهُ نَوْعٌ يُسَمَّى الْقَلْبُ وَالْمَقْلُوبُ الْمُسْتَوِي، وَمَا لَا يَسْتَحِيلُ بِالِانْعِكَاسِ، وَهُوَ أَنْ تُقْرَأَ الْكَلِمَةُ مِنْ آخِرِهَا إِلَى أَوَّلِهَا كَمَا تُقْرَأُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلٌّ فِي فَلَكٍ} [الْأَنْبِيَاء: 33]، {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [الْمُدَّثِّر: 3]، وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا فِي الْقُرْآنِ. .الْعُنْوَانُ: وَمِنْهُ نَوْعٌ عَظِيمٌ جِدًّا، وَهُوَ عُنْوَانُ الْعُلُومِ، بِأَنْ يُذْكَرَ فِي الْكَلَامِ أَلْفَاظًا تَكُونُ مَفَاتِيحَ الْعُلُومِ وَمَدَاخِلَ لَهَا. فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} الْآيَةَ [الْأَعْرَاف: 175]، فَإِنَّهُ عُنْوَانُ قِصَّةِ بَلْعَامَ. وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ تَعَالَى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ} الْآيَةَ [الْمُرْسَلَات: 30]، فِيهَا عُنْوَانُ عِلْمِ الْهَنْدَسَةِ، فَإِنَّ الشَّكْلَ الْمُثَلَّثَ أَوَّلُ الْأَشْكَالِ، وَإِذَا نُصِبَ فِي الشَّمْسِ عَلَى أَيِّ ضِلْعٍ مِنْ أَضْلَاعِهِ لَا يَكُونُ لَهُ ظِلٌّ، لِتَحْدِيدِ رُءُوسِ زَوَايَاهُ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَهْلَ جَهَنَّمَ بِالِانْطِلَاقِ إِلَى ظِلِّ هَذَا الشَّكْلِ تَهَكُّمًا بِهِمْ. وَقَوْلُهُ: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الْأَنْعَام: 75]، الْآيَاتُ، فِيهَا عُنْوَانُ عِلْمِ الْكَلَامِ، وَعِلْمِ الْجَدَلِ، وَعِلْمِ الْهَيْئَةِ. .الْفَرَائِدُ: وَمِنْهُ لَفْظُ (حَصْحَصَ) فِي قَوْلِه: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} وَ(الرَّفَثُ) فِي قَوْلِه: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [الْبَقَرَة: 187]، وَلَفْظَةُ (فُزِّعَ) فِي قَوْلِه: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سَبَإٍ: 23]، وَ(خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ) فِي قَوْلِه: {يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ} [غَافِرٍ: 19]. وَأَلْفَاظُ قَوْلِه: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا} [يُوسُفَ: 80]، وَقَوْلِه: {فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ} [الصَّافَّات: 177].
|